في تنسيق وتناغم تامين تعاملت كافة أجهزة الدولة التنفيذية مع ما تنبأت به الهيئة العامة للأرصاد الجوية من تعرض مصر لحالة شديدة من عدم الاستقرار في الأحوال الجوية اعتبارا من اليوم الخميس، وعلى مدى الأيام الثلاثة المقبلة. إذ أطلقت الهيئة بداية الأسبوع الحالي إنذارات وتحذيرات وإرشادات من أجل حماية الأرواح والممتلكات والمحافظة على المصالح التجارية، أسفرت عن حالة استنفار واستعدادات قصوى وخطط طوارئ وضعتها كافة الوزارات والجهات والهيئات المختصة لحماية المواطنين من التعرض لأية مخاطر أو أضرار محتملة نتيجة للطقس السيئ المتوقع.
ويمثل الإنذار والتحذير من الأحوال الجوية الخطرة الجزء المهم من التنبؤ الجوي الحديث، وهو أحد الخدمات التي تقدمها المراكز الرصدية حال توقع أحوال جوية صعبة، كإجراء احترازي للحفاظ على الأرواح والممتلكا، ومن التحذيرات الشائعة للأحوال الخطرة، التحذير من العواصف الرعدية القوية والأعاصير، والأمطار الغزيرة والمستمرة، وأنواع أخرى من التحذيرات تشمل الطقس الشتوي، والرياح القوية، والفيضانات، والضباب.
وتوقع حالة الطقس أو التنبؤ به هو تطبيق العلم والتكنولوجيا لمعرفة حالة الغلاف الجوي في وقت لاحق لموقع معين، وذلك بعد الإحاطة التامة بالعوامل الجوية المحيطة كدرجة الحرارة، والرطوبة وسرعة الرياح واتجاهها، والضغط الجوي، وبشرط أن يكون المنفذ لهذا التطبيق على دراية تامة بالقوانين الطبيعية المتحكمة في تغيرات الأحوال الجوية.
وتتنوع مجالات استخدام وتطبيقات التنبؤات الجوية، في مقدمتها التحذيرات الجوية التي تحمي وتقلل من الخسائر المادية في الأرواح والممتلكات، كما تستخدم في وضع خطة لمواعيد وأماكن الأنشطة المختلفة خلال الظروف الجوية المختلفة.
ويعتمد المزارعون على التنبؤات الجوية لتحديد ما يتعين القيام به، وتستخدم شركات المرافق العامة (شركات الكهرباء والغاز والمياه) التنبؤات الجوية لتوقع معدل الاستهلاك الذي يمكن أن يتأثر بقوة بحالة الطقس، وتقدير حجم الطلب على مدى الأيام المقبلة.
كما يمكن استخدام الأرصاد الجوية للاستثمار في سوق السلع الأساسية بنظام العقود الآجلة، ويزداد عدد الشركات التي تقوم بدفع رسوم للحصول على تقارير التنبؤات الطقسية التي تناسب احتياجاتها، حتى تتمكن من زيادة أرباحهم أو تجنب خسائر كبيرة. على سبيل المثال، يمكن لسلاسل المتاجر الكبرى أن تغير المخزونات على الأرفف تحسبا للعادات المختلفة في الإنفاق الاستهلاكي في مختلف الأحوال الجوية.
وبالمثل، يقوم خبراء الأرصاد الجوية العسكرية بعرض أحوال الطقس للمجتمع العسكري في الحرب والسلم، وتقديم التوقعات الجوية قبل التحليق وخلال الطيران؛ حيث توفر حماية وقائية للموارد، والخدمات المنشآت العسكرية.
وفي لمحة تاريخية عن التنبؤات الجوية، يتأكد أن الإنسان حاول منذ آلاف السنين التنبؤ بحالة الطقس، واعتمدت طرق التنبؤات الجوية في الحضارات القديمة على ملاحظة أنماط الأحداث الجوية، فعلى سبيل المثال عندما يكون لون السماء وقت الغروب أحمر، فإن اليوم التالي غالبا ما يكون صحو ومشمس، وكان البابليون في عام 650 قبل الميلاد يتوقعون حالة الطقس بالنظر لتشكيلات السحب والغيوم في السماء، واستخدموا علم الفلك والنجوم في ذلك.
وفي عام 340 قبل الميلاد، وصف “أرسطو” الأنماط الجوية في كتابه دراسة النجوم، وتراكمت الخبرة عبر أجيال عديدة لتنتج معتقدات تقليدية للتنبؤ بالطقس، وبالرغم من ذلك، لم يتم إثبات صحة جميع تلك المعتقدات؛ إذ لا يستند معظمها على اختبارات إحصائية دقيقة.
وفي عام 1835، اخترعت آلة البرق الكهربائية (التلغراف)، وبذلك انطلق عهد التنبؤات الجوية الحديثة، حيث يسر استخدام التلغراف نقل التقارير الجوية عن حالة الطقس من مناطق شاسعة لتصل بشكل فوري في ثوان معدودة، بعدما كانت تنقل بواسطة القطار البخاري.
ثم شهد القرن العشرين تطور علم الأرصاد الجوية بشكل مذهل، واعتمدت التنبؤات الجوية على عمليات حسابية معقدة جدا لإنتاج نماذج التنبؤات قبل وقوع الأحداث الجوية، وتم إنشاء أول مركز رسمي خاص بالأرصاد والتنبؤات الجوية في الولايات المتحدة الأمريكية للتنبؤ بحالة الطقس.