التخطي إلى المحتوى
اللواء محمد العبودي… تعديل بعض التعليمات المنظمة للإجراءات التي تتخذها الشرطة والنيابة العامة
 انتشرت منذ فترة بعيدة ظاهرة تحرير محاضر تشاجر بقسم أومركز الشرطة بتعدي شخص أو أكثر على أخر أو أخرين ضربا باليد أو بإستخدام أسلحة أو أشياء أخري محدثا إصابته الموصوفة بأقواله حيث يتم توقيع الكشف الطبي بأحد المستشفيات الحكومية بعد إحالته إليها لتحديد وجود إصابات من عدمه ووصفها وسبب حدوثها ومدة العلاج بتقرير طبي يرفق بالمحضر و عرضه عقب إستيفاؤه بسؤال المتهم والشهود على النيابة العامة بالمتهم في حالة ضبطه أو إداريا حال عدم ضبطه .
وهذه إجراءات ضرورية حفاظاً وحماية لحقوق المجني عليهم وتمهيدا لتطبيق القانون وتنفيذه على الجناة ، ورغم أن غالبية هذه التقارير الطبية إن لم يكن جميعها تعد صحيحة من الناحية المهنية البحتة لإقتصارها عل إثبات وجود إصابات بالمصاب وقت توقيع الكشف الطبي من عدمه ووصفها ، إلا أنه لايمكنها الجزم بتحديد زمن حدوثها وكيفية إحداثها ومدى إتفاق ذلك وماقرره المصابون پأقوالهم بالمحضر.
وهو قصور لا يساعد في تحقيق العدالة ويستغله البعض بتحرير محضر متهما أخر أو أخرين بإصابته ( بعد إحداثها بنفسه أو بمساعدة أخرين قد يكون من بينهم من يعمل بالمجال الطبي ) ليعرض المحضر مرفقا به التقرير الطبي على النيابة بدون المتهم غالبا لتحيله مباشرة أو بعد طلب تحريات المباحث للمحكمة والتي تصدر أحكاما غيابية بحبس المتهم أو المتهمين والذين يصبحوا في نظر القانون هاربين من تنفيذ عقوبة قد لا يعلمون عنها شيئا لحين علمهم إذا كانوا حسني الحظ فيعارضوا فيه.
أما سييء الحظ فلن يعلموا به إلا بعد ضبطهم وعرضهم على النيابة والمعارضة في الحكم حيث تصدر المحاكم أحكاما حضورية بالبراءة في غالبية هذه الدعاوي لأسباب كثيرة منها عدم صحة حدوث الواقعة أو كيدية الإتهام وغير ذلك .
  وإستمرار سريان الأمور على هذا النحو أمر غير محمود وغير صحي ، يترتب عليه حتما مشاكل إدارية ومعاناة إنسانية وإجتماعية لاحصر لها ، منها :
• تعطيل أعمال الكثير من الجهات الإدارية بإشغالها بأمور تثقل كاهلها المثقل أصلا ( أقسام ومراكز الشرطة / المحاكم / المستشفيات).
• ‏تعرض بعض المواطنين ومعظمهم أبرياء لإجراءات قاسية ( القبض عليهم وما يتبعه من عرض علي النيابة العامة / تحملهم لأعباء مالية لإتخاذ إجراءات قانونية وغيرها / تعطلهم عن أعمالهم ليوم أو أكثر / إرهاق ذويهم خلال هذه الفترة لمساعدتهم على إنهاء هذه الإجراءات ).
 زعزعة ثقة المواطنين المضاربين في هذه الحالات وذويهم في أعمال جهات الشرطة والعدالة والمستشفيات الحكومية لصدور أحكام جنائية غيابية ضدهم لإتهامهم بإقتراف جرائم جنائية لم يرتكبوها.
ويمكن تلافي هذه المشكلات بإعادة النظر في الإجراءات المتبعة حاليا بتعديل بعضها بما يحفظ الحقوق القانونية لطرفي المشاجرة المصابين والمتهمين والحد من أعداد المحاضر المحررة بشأنها في ذات الوقت.
ومن هذه التعديلات ، أن يختص الطب الشرعي وحده بتوقيع الكشف الطبي على المصابين بناء على طلبهم أو ذويهم من النيابة العامة وعلى نفقتهم الخاصة حيث يتم توقيعه في ذات يوم تحرير المحضر أو ما يليه على الأكثر لإثبات مابهم من إصابات / ووصفها / وسببها / وكيفية حدوثها / والأداة المستخدمة إن وجدت/ وهل يتفق ذلك مع ما جاء بالمحضر من أقوال المصابين والشهود والمتهم والتحريات وغير ذلك ، وفي حالة صحة هذا الإدعاء تأمر النيابة بضبط المتهم لمواجهته بالإتهامات وتقديمه للمحاكمة للحكم عليه حال إدانته.
ولا يحتاج ذلك لتعديل تشريعي وإنما فقط تعديل بعض التعليمات المنظمة للإجراءات التي تتخذها الشرطة والنيابة العامة في وقائع التشاجر الذي يترتب عليها حدوث إصابات ، وما سوف يرتبه ذلك حتما من ضرورة زيادة أعداد الأطباء الشرعيين ومعاونيهم لمواجهة ما سوف يستجد من أعباء فأنه يعد أمرا يسيرا حال مقارنته بما سوف يتحقق من نتائج مبهرة ولا ضير أيضا من تحمل المصابين لمبلغ الأمانة القضائية التي يجب سدادها للإحالة للطب الشرعي وهي مبلغ مالي يعد زهيدا سوف يسدده بكل أريحية المصابين الصادقين لتأكيد صحة إدعائهم وإثبات صحة إصابتهم ، ويمتنع عنه كل من كان حجته ضعيفة لأنه يعلم أنه سوف يثبت طبيا عدم صحة إدعاؤه.
‏ لواء . دكتور / محمد عبد القادر العبودي.
أستاذ منتدب بأكاديمية الشرطة وحقوق الزقازيق سابقاً.
ش العبودي / أنشاص الرمل/ مركز بلبيس / شرقية.
01224760953 01019801516 0552820033