التخطي إلى المحتوى
محمود محيى الدين: 2.8 مليار دولار زيادة في حصة مصر بصندوق النقد الدولي

قال محمود محيى الدين، المدير التنفيذى لصندوق النقد الدولى: إن دول شرق الأوسط سيضاف لنصيبها فى الاحتياطى بصندوق النقد الدولى نحو 36 مليار دولار، ونحو 28.6 مليار لحصة أفريقيا، و2.8 مليار دولار زيادة فى حصة مصر.

ولفت محيى الدين، إلى أن إتاحة سيولة مالية دولية بنحو 650 مليار دولار التى جاءت نتيجة لزيادة إصدارات وحدات حقوق السحب الخاصة، قد تتيح لعدد من الدول إمكانيات زيادة ملاءتها المالية والسيولة لديها، لاسيما أن أرقام وحدات حقوق السحب الخاصة تتضاف إلى احتياطى النقد الأجنبى، مضيفا أن 650 مليار دولار تعادل نحو 95% من حصص الدول الأعضاء فى الصندوق، «كل دولة ستأخذ 95% من حصتها».

وأوضح أن اجتماعات الربيع ناقشت 5 موضوعات هامة تتعلق بجائحة كورونا، منها البعد الصحى الذى يتعلق بالأزمة الصحية العالمية، والتركيز على إتاحة اللقاح؛ حيث يوجد تفاوت كبير فى إتاحته، مضيفا أن 10 دول فقط لديها لقاحات بنسبة 70% فى العالم، فى حين أن عددا من الدول النامية لم تحصل على اللقاح حتى وقت اجتماعات الصندوق.

وتابع أنه ينبغى التعامل مع هذا التفاوت نظرا لوجود عوائق مالية، بما فى ذلك ما تحتاجه آلية الكوفاكس، التى تشرف عليها منظمة الصحة العالمية، فضلا عن العوائق اللوجيستية، مشيرا إلى أن هناك مشاكل تتعلق بعملية إنتاج اللقاحات والتوزيع بما يستدعى تناول الموضوع من جانب حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بتجارة الدواء والمستلزمات الطبية، «فى شهر أكتوبر الماضى تقدمت الدول النامية بطلب سماح مؤقت للإعفاء من قيود حقول الملكية الفكرية ولكن قوبل الطلب بالرفض».

وأضاف أن هناك معاودة للحديث عن أزمة اللقاح مرة أخرى، نظرا لأنها تحتاج إلى تعاون دولى ضخم، وإجراءات فعالة وفهم من قبل الدول المتقدمة أن المسألة ليست فقط من باب التعاون الدولى وتفعيله فى مجال بسيط، ولكن توفير اللقاح يؤدى لتحقيق الضمانات الكافية حتى يسيطر العالم أجمع على الوباء، لكن بدون توفيره ستواجه الدول مشاكل كبيرة حتى التى أمنت نفسها بلقاحات تتجاوز فى بعض الأحيان أعداد سكانها عدة مرات.

وقال محمود محيى الدين: إن اجتماعات الربيع اهتمت أيضا بإجراءات التعافى وقدرات الدول المختلفة على ضخ تمويل من إنفاقها العام، ومن تيسير نقدى يساند عملية التعافى؛ حيث تجاوزت نسبة الحزم المالية المساندة للتعافى الاقتصادى فى الدول المتقدمة اقتصاديا نحو 12% من الناتج المحلى الإجمالى، فى حين أن الدول ذات الأسواق الناشئة أنفقت ما يقل عن 4% من ناتجها المحلى الإجمالى، بينما أنفقت الدول الأقل دخلا أقل من 2%، ما يؤثر على إمكانية التعافى السريع وعودة الحركة للأنشطة الاقتصادية الإنتاجية على مساندة المشروعات الاقتصادية الحيوية للخروج من الأزمة.

وتوقع أن يحقق الاقتصاد العالمى نموا فى حدود 6% خلال عام 2021، بعد انكماش بنحو 3.3% خلال العام الماضى، وأن تحقق الولايات المتحدة الأمريكية نموا بـ 6.4%، وأن يتجاوز النمو المتوقع للصين والأسواق الناشئة فى قارة آسيا 8%، وتحقق دول الشرق الأوسط وأفريقيا معدل نمو يتراوح بين 3 و4% فى المتوسط، فيما تحقق دول أوروبا نموا بنسبة 4.4%، ما يعنى أنها لن تعوض ما خسرته خلال العام الماضى بانكماشها لـ 6.6%، كما تحقق دول أمريكا اللاتينية نموا اقتصاديا بنحو 4.6%، بعد انكماش اقتصادها بنحو 7% العام الماضى، مشيرا إلى أن النمو الاقتصادى يمثل دلالة عن القدرة على السيطرة على الجائحة ومدى القدرة على الإنفاق العام المساند.

وأوضح أنه سيكون هناك تفاوت شديد بين الدول فى النمو الاقتصادى، كما سيكون هناك تفاوت بين القطاعات المختلفة داخل الدول، حيث سيكون التعافى فى عدد من القطاعات متأخرا عن أخرى، لاسيما أن تحسن قطاع السياحة مرتبط بإمكانية السيطرة التامة على الجائحة، وكذلك قطاعات الترفيه والخدمات الأخرى التى تعتمد على التفاعل، ما يدفع للنظر تحديد القطاعات الأولى بالمساندة للعودة للعمل والتشغيل فى المرحلة القادمة.

فى سياق متصل أشار محيى الدين إلى ضرورة معالجة مشكلات المديونية قبل أن تتحول إلى أزمات عالمية، لاسيما أن الإجراءات التى قامت بها مبادرات مجموعة العشرين استهدفت بالأساس الدول الأقل دخلا والأكثر فقرا، فيما لم تحظ الدول متوسطة الدخل بأى تيسيرات على الإطلاق، «مما يجعلنى أقول إننا بصدد فخ الوسط الجديد»، خاصة أن الدول المتقدمة تقترض بأسعار فائدة تكلفتها صفر، كما تحصل الدول الأقل دخلا على بعض الإعانات والتيسيرات، ولكن الدول متوسطة الدخل ليس لها حظ من المساندة.

ولفت إلى أن نهاية 2019 قبل الجائحة، كان هناك توقعات أن يواجه العالم موجة رابعة من الديون، بعد موجات الديون الثلاث الماضية التى انتهت بأزمات عالمية منها تراكم الديون فى أمريكا اللاتينية بالثمانينيات، وتراكم الديون فى دول شرق آسيا بالنصف الثانى من التسعينيات، كما أن الأزمة المالية العالمية عام 2008 كانت بسب تراكم الديون أيضا، «ما نرجوه الآن أن جهود احتواء تداعيات زيادات الديون لا يترتب عليها أزمة عالميا شاملة»، مشيرا إلى أنه كان هناك حالات كثيرة من التعثر تتطلب توفيق الأوضاع قبل الجائحة.

واقترح محيى الدين، أن يتم تأسيس صندوق خاص للتعاون المالى والفنى داخل صندوق النقد الدولى يساند الدول متوسطة الدخل على غرار ما يعرف بالـ BRGD أو صندوق تخفيض حدة الفقر وزيادة النمو، المخصص للدول الأقل دخلا.
وتابع أن اجتماعات الربيع اهتمت أيضا بالتحول الرقمى، الذى كان يتم الحديث عنه منذ سنوات باعتباره جهودا تتم فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بشكل قطاعى ولكن هذا التحول أصبح الآن له تأثيرات اقتصادية واجتماعية مهمة ذات أبعاد أمنية مهمة، بالإضافة إلى تأثيره على الشمول المالى.

وأوضح أن العديد من الدول حققت نقلة نوعية من خلال مد الخدمات المالية للمواطنين بالاستفادة من تكنولوجيا المعلومات والحلول الرقمية، مما كان له تأثر على إدارة النشاط الاقتصادى، مضيفا أن الدول تستخدم قواعد البيانات وشبكات المتابعة لتحسين تقديم الخدمات للجماهير والحوكمة ولمتابعة الأداء الاقتصادى، وأيضا فى كفاءة تحصيل إيرادات الدولة والإنفاق العام وحسن توجيه.

وأضاف محيى الدين، أن هناك دورا مرتقبا للعملات الرقمية التى تصدرها البنوك المركزية المعتمدة ذات السيادة وتكون ذات قوة إبراء، «يجب التفريق بين هذه العملات الرقمية وما يعرف بالأصول المالية المشفرة مثل البتكوين وغيرها»، مشيرا إلى أن 60% تقريبا من البنوك المركزية حول العالم لديها برامج تجريبية لإصدار هذه العملات الرقمية الجديدة، إضافة إلى أنه يوجد تقديرات أننا سنرى خلال ما يتراوح بين 3 و 5 سنوات عددا من هذه العملات الرقمية المصدرة من البنوك، ما سيكون له تأثير على الأنشطة الاقتصادية بما فى ذلك الدور الجديد للبنوك والمصارف.

وتابع محيى الدين، أن واحدة من طرق إصدار هذه العملات الرقمية أنه بمجرد إصدارها من قبل البنك المركزى ستتحول إلى محفظتك الرقمية، وبالتالى لا تحتاج إلى خدمة مصرفية؛ حيث يمكن من خلالها دفع الفواتير وتحويلها للمحافظ الرقمية المناظرة لمقدمى السلع والخدمات، «على البنوك أن تأخذ فى اعتبارها هذه الأوضاع الجديدة»، لافتا إلى أن البنوك ستتنافس فى تقديم هذه الخدمات المالية وخدمات الادخار والائتمان، كما أن الائتمان سيكون له شكل جديد عما هو قائم الآن، وستأخذ الخدمات شكلا متطورا عما عهدنا، ولكن سيتم ذلك بالتدريج.
وأوضح أن الأعوام الثلاثة القادمة ستشهد تغيرات نوعية فى إدارة السياسة النقدية فى أعمال البنوك، ما سيكون له تأثير على النشاط الاقتصادى، كما أنه سيكون له تداعيات وتأثيرات هامة على تأمين هذه النظم الذى سيتم من خلالها التحويلات النقدية.