التخطي إلى المحتوى
المحكمة الدستورية تفصل اليوم في عقوبات قانون المصحف الشريف

تصدر اليوم المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار سعيد مرعي عمرو، حكمها في مدى دستورية المادة الثانية من القانون 102 لسنة 1985 بشأن تنظيم طبع المصحف الشريف والأحاديث النبوية، فيما تضمنته من عدم جواز وقف تنفيذ العقوبات التي توقعها المحاكم على من يطبع أو ينشر أو يتداول مطبوعات المصحف الشريف والأحاديث النبوية وتسجيلاتها بدون ترخيص أو بالمخالفة للشروط المنصوص عليها.

وتنص هذه المادة على أن”يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تجاوز عشرة آلاف جنيه كل من قام بطبع أو نشر أو توزيع أو عرض أو تداول المطبوعات أو تداول التسجيلات المشار إليها في المادة السابقة بدون ترخيص أو بالمخالفة لشروطه ولو تم الطبع أو التسجيل في الخارج. وتكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن خمس سنوات ومثلي الغرامة في حالة العود. ويعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه كل من حرف عمدا نصا في القرآن الكريم عند طباعته أو تسجيله بأية وسيلة كانت. وتكون العقوبة السجن المؤبد ومثلي الغرامة في حالة العود. ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ أي من هذه العقوبات”.

وبدأت هذه القضية باتهام النيابة العامة لمواطن بتداول مطبوعات المصحف الشريف دون ترخيص في نطاق دائرة الدرب الأحمر بالقاهرة عام 2017، وصدر ضده حكم غيابي في يناير 2018 بالسجن 5 سنوات وغرامة 10 آلاف جنيه، وبعد حضور المتهم أمامها أعادت المحكمة الإجراءات، لكنها أصدرت حكما بإحالة المادة الثانية من قانون طباعة المصحف الشريف إلى المحكمة الدستورية العليا، حيث ارتأت شبهة عدم دستورية في منع القانون لها من وقف تنفيذ العقوبة، باعتباره من الإمكانيات التي يجب أن يتمتع بها القاضي ضمن سلطته في تفريد العقوبة.

ويستند اتجاه عدم دستورية النص إلى أن سلطة القاضي في تفريد العقوبة لا يجوز سلبها بأية حال، وأن المشرع إذا منع القضاة من وقف التنفيذ أيا كانت دوافعه فإنه بذلك يتدخل في سلطتهم لتحديد مبلغها، ويفضي إلى اتصال الجناة المدانين بمذنبين آخرين ربما يكونون أفدح منهم إجراما، وأن تحديد المعاملة التي يتلقاها المتهم يجب ألا يتوقف فقط على جسامة الجريمة بشكل مجرد، بل أيضا على الظروف الواقعية لها.
وخلال تداول القضية أمام المحكمة الدستورية العليا رفعت هيئة المفوضين للمحكمة تقريرا أعده المستشار د. طارق عبدالقادر، أوصى بعدم دستورية القانون كاملا، نظرا لعدم عرضه قبل إصداره على مجلس الشورى إعمالا لنص المادة 195 من دستور 1971، وذلك باعتباره من القوانين المكملة للدستور.

ورغم أن القانون لا ينظم أمرا من الشئون المكملة للدستور بشكل عام، إلا أن التقرير اعتبره كذلك فيما تضمنه من مواد عقابية تتعلق بالحقوق والحريات الشخصية المنصوص عليها دستوريا، ومن بينها الحرية الشخصية (لنصه على عقوبة السجن) ومبدأ شرعية الجرائم والعقوبات (لنصه على عقوبات محددة ومنع وقف تنفيذها) فضلا عن تدخله في توقيع العقوبات الأصلية وسلطة المحاكم في تنفيذها، وهي مسائل تتصف بالطبيعة الدستورية الخالصة التي حرصت الدساتير المتعاقبة على تفويض القوانين في تنظيمها.

وثبت خلال بحث تاريخ إصدار القانون أنه لم يعرض على مجلس الشورى، حيث اعتبره مجلس الشعب حين إصداره قانونا عاديا لا يتطلب ذلك.