بقلم :عميد متقاعد/ هيثم سعد الدين الدق
الفن بين البناء والهدم… حين تتحول الدراما إلى خطر على الأمن المجتمعي
لم يعد خافيًا على أحد ما تشهده بعض الأعمال الدرامية من انحدار في المضمون والقيم، بعد أن تحولت من رسالة سامية تهدف إلى التنوير والبناء والتوعيه إلى أداة لهدم الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة. لقد باتت بعض الأفلام والمسلسلات تتعمد وبأسلوب مستفز تجسيد صورة بعض المسئولين في الدولة، سواء كانوا وزراء أو أعضاء نيابة أو قضاة أو ضباط أومحامين أوموظفين أو رجال أعمال و تصورهم وكأنهم مرتشين أو مستغلين مناصبهم وأو تجار أثار وأنهم لا يخضعون لقانون الدولة، بل يحكمهم “قانون الغابة”، وكأن العدالة لا تطبق إلا على الضعفاء والمساكين.
إن هذا الأسلوب المضلل لا يخدم حرية الفن ولا النقد البناء ولا تنوير المواطن ولابث روح التفائل لمستقبل مشرق بل يزرع الشك في نفوس الناس، ويُضعف الانتماء الوطني، ويُظهر للمشاهد وخاصة الضعيف بأن الفساد هو الأصل، والنزاهة استثناء! والأسوأ من ذلك، أن بعض هذه الأعمال تُجسد فى أعمالها ضعف التواجد الأمنى فى الشارع المصرى سواء الأحياء الشعبيه أو الاحياء الراقيه وكأنها بلا حماية، من خلال تجسيد مشاهد يملؤها العنف والدماء، يظهر فيها الخارجون على القانون وهم يحملون الأسلحة جهارًا نهارًا، يرتكبون الجرائم دون حساب، وكأن الدولة غائبة!وتكون نهاية تلك الاعمال الدرامية
ولم تتوقف الإساءة فى بعض الأعمال عند هذا الحد، بل امتدت لتجسيد بعض الأعمال إلى تشويه صورة العدالة ذاتها، عبر تجسيد شخصيات (قضاه / نيابه / محامين ) ينتشر بينهما الضلال والكيل بمكيالين والمحسوبيه يُستغلون ثغرات القانون ليحوّلوا الحق إلى باطل، ويبرروا الباطل وكأنه عدل، مما يشوه وعي الشباب والمواطن ويغرس فيهم مفاهيم مغلوطة عن قضاء مصر الشامخ والقانون والنظام.
إن الخطر الحقيقي لا يكمن في مشهد يُعرض على الشاشة، بل في الفكر الذي يترسخ في العقول. فقد أصبحنا نرى أثر هذه الأعمال في الواقع، حين يقوم بعض الشباب المغيب بتقليد ما يشاهدونه من جرائم وعنف وسلوكيات منحرفة، ظنًا منهم أنها بطولة أو شجاعة، بينما هي في الحقيقة انحراف وضياع للقيم والمبادئ وبذلك تنتشر الجريمه
من هنا، فإن إعادة هيكلة المحتوى الفني والإعلامي أصبحت ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل. فالفن ليس مجرد وسيلة ترفيه، بل هو سلاح ذو حدين، إما أن يبني وعياً مستنيراً وإما أن يهدم مجتمعاً بأكمله. ومن واجبنا أن نوجه طاقات الفن نحو البناء والإيجابية، وأن تكون الأعمال الدرامية مرآة مشرقة تعكس أخلاق المصريين وشهامتهم، وتغرس في الشباب روح الانتماء والاعتزاز بالوطن.
وفي هذا السياق، نؤكد على أهمية توجيهات السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، الذي شدد في أكثر من مناسبة على دور الإعلام والفن في تشكيل وعي المواطن ودعم استقرار الدولة. فالفن رسالة ومسؤولية، لا يجوز أن تُستغل في تشويه الرموز الوطنية أو النيل من مؤسسات الدولة، بل يجب أن تكون قوة ناعمة تُساند الوطن وتُعزز أمنه واستقراره.
وهنا يأتي الدور الحاسم للرقابة والإعلام الوطني في مواجهة هذا الخطر الفكري الذي يهدد الأمن المجتمعي، من خلال متابعة دقيقة لما يُعرض من محتوى، والتصدي للأعمال التي تروج للعنف أو تجسيد ما يهين رموز الدولة، مع دعم وتشجيع الأعمال الهادفة التي تبني وعياً حقيقياً وتغرس القيم الإيجابية. كما يجب أن يعمل الإعلام على توعية الجمهور بخطورة الانسياق وراء الرسائل المضللة التي تُبث عبر بعض المنصات، وأن يكون شريكًا فاعلًا في معركة الوعي وحماية الهوية الوطنية.
ولابد أن تتجه الأفلام والمسلسلات إلى تجسيد الدور البناء للمسئولين في الدولة، من وزراء وضباط وقضاة ومحامين ورجال أعمال، وإبراز ما يقومون به من تضحيات بأرواحهم فى سبيل حفظ الأمن ومن جهود مخلصة في دفع عملية التنمية، مع تسليط الضوء على ما تحققه الدولة من إنجازات ومشروعات قومية عملاقة توفر فرص عمل، وتدعم الإسكان، وتزيد الصادرات، وتُحسن حياة المواطن وتجسد القيم والاخلاق الحميده من إحترام الصغير للكبير وإحترام الطالب للمدرس والدكتور وتجسيد حياه الاسرة المصريه البسيطة المبنيه على المحبه والوءام بين الجيران والأقارب
كما يجب الابتعاد عن الأعمال التي تُجسد الفساد والانحراف الأخلاقي أو تُعارض ما تتخذه الدولة من إجراءات لصالح المواطن، أو تُشكك في قراراتها، لأن الفن الحقيقي هو الذي يقف إلى جانب الوطن، ويدعم مسيرته، ويُسهم في بناء أجيال واعية تُدرك قيمة ما يتحقق من إنجازات على أرض مصر.
ختامًا، نقولها بصدق وإيمان:.
إن مصر اليوم تخوض معركة وعي لا تقل خطورة عن معارك السلاح، معركة للحفاظ على العقول قبل الحدود، ولترسيخ القيم قبل المشاهد.
ولن ننتصر في هذه المعركة إلا بفنٍ راقٍ يحمل رسالة، فنٍ وطنيٍ يُعلي من شأن الحقيقة، ويغرس الانتماء في القلوب، ويُجسد عظمة هذا الوطن وقيادته وشعبه.
فليكن الفن المصري ـ كما كان دائمًا ـ منبرًا للبناء، وسلاحًا للتنوير، وصوتًا للحق والضمير.
ولنعِ جميعًا أن الكلمة والمشهد والفكرة قد تبني أمة أو تهدم جيلاً، فاختر يا فنان أن تكون مع الوطن لا عليه، ومع الحق لا مع الزيف، ومع الوعي لا مع التضليل.
فالفن ليس زينة الشاشة، بل رسالة وطن ومصير شعب، وإذا صلح الفن، صلح الوعي، وإذا استنار الوعي، استقرت الأمة وارتفعت رايتها خفاقة في سماء المجد والبقاء.
إن مصر بحاجة إلى فن يبني لا يهدم، يوقظ الوعي لا يضلله، يُجسد البطولة الحقيقية لا الزائفة. فالفن الهادف هو درع من دروع الوطن، وسيف من سيوف الحق في معركة الوعي والبقاء.
تحيا مصر… ويحيا فنها الوطني الهادف الذي يبني العقول ويحمي الوطن تحت قيادته السياسيه الحكيمه السيد الرئيس / عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهوريه


التعليقات