التخطي إلى المحتوى
ناسا تعيد إحياء مهمة VIPER.. رحلة جديدة للبحث عن جليد القمر مع بلو أوريجين

أعلنت وكالة الفضاء الأميركية ناسا أنها تدرس مجددًا إطلاق مهمة مركبة استكشاف الجليد القمرية VIPER، التي تهدف إلى البحث عن موارد مائية في القطب الجنوبي للقمر.

ووفقًا للخطة الأولية، من المتوقع أن تُنقل المركبة عبر مركبة الهبوط Blue Moon Mark 1 التابعة لشركة بلو أوريجين في عام 2027، ضمن برنامج خدمات الحمولة القمرية التجارية (CLPS) الذي تسعى ناسا من خلاله لإشراك القطاع الخاص في دعم الاستكشاف الفضائي.

كان مشروع VIPER قد تعرض في السابق لسلسلة من التأجيلات المتكررة وارتفاع تكاليف التطوير، ما دفع ناسا إلى إلغائه رسميًا في عام 2024، لكن إعادة التفكير في أهميته الاستراتيجية، خصوصًا مع تزايد الحاجة لفهم موارد القمر ودراسة إمكانية استخدامها لدعم البعثات البشرية المستقبلية، أعادته إلى دائرة الاهتمام.

وبحسب ناسا، فإن المركبة ستكون بمثابة أداة محورية لفهم مواقع تراكم الجليد المائي تحت سطح القمر، وهي خطوة تُعتبر أساسية لنجاح أي خطط لإقامة قواعد بشرية دائمة على سطحه.

حتى الآن، لم تنفذ بلو أوريجين أي مهمة هبوط على القمر، ما يجعل هذه التجربة اختبارًا فارقًا لمصداقية الشركة وقدرتها على دخول سباق استكشاف الفضاء العميق، ومن المقرر أن تقوم المركبة Blue Moon Mark 1 بأول محاولة هبوط لها في وقت لاحق من هذا العام ضمن مهمة أخرى تابعة لبرنامج CLPS، وهو ما سيمنح ناسا مؤشرات عملية على كفاءة التصميم وأمان الهبوط.

وبحسب تصريحات الوكالة، فإن نجاح مهمة الهبوط الأولى سيكون خطوة أساسية قبل المضي قدمًا في اختيار بلو أوريجين لنقل VIPER، وفي حال ثبوت كفاءة التقنية، ستتولى مركبة هبوط ثانية من طراز Mark 1 – والتي يجري تصنيعها حاليًا – نقل المركبة القمرية الاستكشافية إلى سطح القمر عام 2027.

ستعمل VIPER في بيئة قاسية على القطب الجنوبي للقمر، حيث درجات الحرارة المنخفضة وظروف الإضاءة المتطرفة، ورغم هذه التحديات، فإن المنطقة تُعد من أكثر الأماكن الواعدة للعثور على رواسب الجليد المائي، والتي يمكن استخدامها مستقبلًا في إنتاج الأوكسجين والوقود الداعم لبعثات فضائية أطول.
ويوضح جويل كيرنز، نائب المدير المساعد للاستكشاف في مديرية البعثات العلمية بناسا، أن مهمة VIPER ستساعد في تحديد “الأماكن الأكثر احتمالًا لوجود الجليد وأسهل إمكانية للوصول إليه كمورد مستقبلي للبشر”.

وأضاف أن هذه الدراسات لا تقتصر على خدمة البعثات المستقبلية، بل تقدم أيضًا “رؤى قيمة لفهم توزيع المواد المتطايرة في النظام الشمسي وأصلها، ما يساهم في رسم صورة أوضح عن كيفية تشكل بيئتنا الفضائية وتطور النظام الشمسي الداخلي”.

تمثل هذه المحاولة إشارة قوية على أن استكشاف القمر لم يعد مجرد مشروع علمي، بل أصبح جزءًا من رؤية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تمهيد الطريق نحو رحلات مأهولة إلى المريخ وما بعده، فالمياه القمرية، إذا تم التأكد من وجودها بكميات كبيرة وقابلة للاستخراج، ستُغير معادلة الاستكشاف الفضائي، حيث ستوفر مصدرًا محليًا للحياة والدفع، وتقلل من الاعتماد الكامل على الإمدادات الأرضية.

رغم الصعوبات التي واجهت مشروع VIPER، يبدو أن ناسا عازمة على منحه فرصة جديدة بفضل الشراكة مع بلو أوريجين، النجاح في هذه المهمة قد يُعيد رسم خريطة الاستكشاف القمري، ويضع الولايات المتحدة في موقع متقدم ضمن سباق الفضاء العالمي، أما الفشل فسيطرح تساؤلات كبيرة حول جدوى إشراك القطاع الخاص في مثل هذه المهام المعقدة.

في كل الأحوال، يبقى عام 2027 محطة حاسمة، ليس فقط لمصير مركبة VIPER، بل أيضًا لطموحات البشرية في تحويل القمر إلى منصة انطلاق لعصر جديد من الاستكشاف الفضائي.