بقلم / الدكتور صابر عبد المنعم.
في السنوات الأخيرة، أصبحت النزاعات الرياضية أكثر تعقيدًا، ولم تعد تقتصر على المشكلات المحلية أو الإدارية البسيطة، بل تحوّلت إلى قضايا قانونية متشابكة تتطلب تدخل جهات دولية متخصصة، وهنا يبرز الدور الحيوي الذي تلعبه محكمة التحكيم الرياضية الدولية (CAS)، والتي أُنشئت عام 1984 ومقرها مدينة لوزان السويسرية، لتكون المرجعية القضائية العليا في تسوية النزاعات ذات الصلة بالرياضة.
تتسم محكمة التحكيم الرياضية بالاستقلال والحياد، وهي معترف بها من قبل اللجنة الأولمبية الدولية ومعظم الاتحادات الرياضية الدولية، وتختص بالنظر في قضايا تتعلق بانتقالات اللاعبين، الخلافات التعاقدية، العقوبات الانضباطية، قضايا المنشطات، والقرارات الصادرة عن الاتحادات الرياضية. وتشترط المحكمة وجود “شرط التحكيم” في العقود أو اللوائح، ما يمنحها الأحقية القانونية للفصل في النزاعات.
آلية عمل المحكمة تبدأ بتقديم الطرف المتضرر لطلب التحكيم، وتُشكَّل هيئة تحكيم تتألف من قاضٍ فردي أو ثلاثة محكمين، ويتم تبادل المذكرات القانونية، والاستماع إلى الأطراف، ثم إصدار حكم نهائي ملزم لا يقبل الاستئناف، إلا في حالات نادرة أمام المحكمة الفيدرالية السويسرية، دون المساس بجوهر الحكم..
في السياق العربي، وتحديدًا في مصر، اتجهت الأندية الكبرى مثل الأهلي والزمالك نحو الاستفادة من آليات التحكيم الرياضي الدولي لحل النزاعات المعقدة. فقد لجأ نادي الزمالك في عدة مناسبات إلى المحكمة الرياضية، أبرزها قضايا تتعلق بفسخ التعاقد مع لاعبين أجانب مثل حمدي النقاز، كما واجه النادي الأهلي قضايا أمام المحكمة، منها اعتراضه على قرارات تنظيمية صادرة عن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، وأبرزها ما يتعلق بنهائي دوري أبطال إفريقيا.
هذا الانفتاح على القضاء الرياضي الدولي يؤكد تطور الفكر الإداري والقانوني لدى الأندية المصرية بأهمية التحرك القانوني الصحيح، والابتعاد عن أساليب الضغط الإعلامي أو السياسي، والاعتماد على الأدلة والمرافعات القانونية لحماية الحقوق، كما يدفع هذه الأندية لتكوين إدارات قانونية مؤهلة تفهم اللوائح الدولية وتتعامل باحتراف مع جهات القضاء الرياضي الدولي، ويُقلل من الاعتماد على الحلول الودية أو القرارات المجاملة محلياً.
وفي الختام نحب ان نوضح للقارئ، تُعد محكمة التحكيم الرياضية مظلة قانونية ضرورية في زمن الاحتراف الكـروي، تضمن العدالة وتسوية النزاعات وفق معايير قانونية واضحة، وتعكس اللجوء إليها من قِبل الأندية المصرية تطوراً في الفكر المؤسسي الرياضي، يعزز من مكانة الرياضة المصرية إقليمياً ودولياً.