ألقى الشيخ الدكتور عبد الله بن عواد الجهني، إمام وخطيب المسجد الحرام، خطبة مؤثرة تناول فيها حقيقة الدنيا وطبيعتها بوصفها دار ابتلاء وامتحان، يُمتحن فيها الإنسان بألوان متعددة من الشدائد والنعم، من صحة ومرض، وغنى وفقر، وسراء وضراء، مشيرًا إلى أن النهاية الحتمية لكل حي هي الموت.
وقال الجهني: “الدنيا قد آذنت بالزوال، ولم يبقَ منها إلا القليل، فهي دار فانية لا قرار فيها”، موضحًا أن الابتلاء سُنة ماضية لا مفر منها، استدل فيها بقوله تعالى:
“وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ وَالجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” [سورة البقرة: 155].
وأضاف أن الموت لا يميز بين صغير أو كبير، ولا يدفعه جاه ولا مال ولا تحصينات، ولو كُتب الخلود لأحد لكان أولى به الأنبياء والرسل، ولكنها سنة الله في خلقه.
ودعا الشيخ الجهني إلى تذكر سكرات الموت والاستعداد للقاء الله بالأعمال الصالحة، والعمل لما بعد الموت، موصيًا بتقوى الله، وكثرة ذكره، وشكره، والإكثار من الصدقات، ومحاسبة النفس، فقال: “الكَيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني”.
كما أوصى بالاستعداد ليوم الرحيل، وأخذ العبرة بمن سبقونا، قائلاً: “كل يوم نودّع آباءً وأبناءً وأحبة إلى الدار الآخرة، وهم بين يدي أرحم الراحمين، فليكن في احتسابهم ما يثبتنا ويزيد أجرنا”.
واختتم خطبته بالدعوة إلى إعطاء الدنيا حقها باعتبارها دار ممر، والآخرة باعتبارها دار قرار، مستشهداً بقول الله تعالى: “يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ” [سورة الشعراء: 88-89].