تعتبر الأبحاث العلمية كنتاج فكري وذهني شأنها شأن الاختراعات والمنتجات المختلفة في ملكية كاتبها أو مخترعها ، فالبحث العلمي وما يحتوي عليه من أفكار ومعلومات يعتبر ملكاً للباحث الذي قام بكتابة البحث، ولا يمكن أن يكون لأي باحث آخر الحق في التعدي على ملكية الباحث لما قام بكتابته في بحثه من أفكار وادعاء الملكية الفكرية لها، و في الآونة الأخيرة كثر حدوث مخالفات وانتهاكات في مجال البحث العلمي تمثلت في عدم النزاهة والأمانة في النقل وعزو الأفكار إلى أصحابها، وساعد في ذلك التقدم التكنولوجي الكبير في وسائل التواصل الحديثة وحوسبة البرامج والمعلومات، فسهل الوصول إلى المعلومات المختلفة بيسر وسهولة، مع ضعف الوازع الديني والأخلاقي لدى بعض الباحثين , بالإضافة إلي كثرة ظاهرة الأفلاس العلمي لدي بعض اساتذة الجامعة واللجوء إلي سرقة افكار الابحاث الخاصة بالباحثين وأعطائها لباحثين آخرين من أجل زيادة نصاب الإشراف وتحقيق المكاسب المادية والعلمية لديهم .
ولقد تعددت أشكال السرقات العلمية ومنها إعداد بحث من خلال قص ولصق النصوص من مصادر متعددة، أخذ أفكارالغيروالتعبير عنها بأسلوبه دون ذكر المصدر، نقل معلومات بنصها دون وضعها بين عالمتي إقتباس ” ” ودون ذكر المصدر.
كما تعددت أسباب السرقات العلمية ومنها غياب الوازع الديني، والرغبة في سرعة إنجاز البحوث، وكثرة المعلومات المتاحة على الانترنت، وسهولة الوصول إليها، وغياب العقاب
وللسرقة العلمية أضرار كثيرة منها انها تقضي على ملكة البحث العلمي النزيه، وينشأ بدلا منها عقليات هشة وفارغة علميا, لا تملك روح الإبداع والمنافسة، مما يؤثر سلبا على التطور العلمي والتقدم الحضاري الحقيقي , كما تعمل علي قتل موهبة الإبداع والتطور البحثي، لعدم احترام المعايير والقيم الأخلاقية للبحث العلمي , و تتيح وصول السارق بأفكار وجهد غيره إلى أعلى المراتب العلمية والمستويات الأكاديمية والاجتماعية بغير وجه حق ,وأيضا السمعة السيئة للجامعات والمؤسسات العلمية والبحثية، مما يعبر عن انحطاط فكري وثقافي وأخلاقي , كما تسهم في زيادة الفساد السياسي والمالي وتغلغله بين أفراد المجتمع بحيث يستمرئ السرقة ويتعود عليها، فلا يبالي الناس من أين أخذوا أفكارهم، وما هو مصدر معلوماتهم , بالإضافة إلي تدخل السرقة العلمية والتعدي على حقوق الآخرين بما تمثله من قيمة مالية معتبرة في باب أكل أموال الناس بالباطل.
وبما ان الظاهرة اصبحت في تزايد بشكل سلبي ومستمر فيجب عالج تلك الظاهرة والذي يحتاج إلي تضافر جهود المجتمع الجامعي بكل طوائفه من مكتبات وباحثين ومشرفين ومحكمين، فضلا عن دور الجامعة في دعم البحث العلمي والتوعية والرقابة ووضع اللائحة وتطبيق العقوبات الرادعة علي كل من تسول له نفسه في التعدي علي جهد غيره بدون اي وجه حق.