التخطي إلى المحتوى
بعد توجيهات السيسي.. هل تتحقق أحلام التقاضي الإلكتروني وعقد جلسات المحاكم عن بعد؟

أدت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس خلال اجتماع بوزيري العدل والمالية ومدير المخابرات العامة، بتعزيز جهود خطة تطوير المنظومة القضائية وميكنتها عن طريق الإسراع فى الميكنة والتحول الرقمي، وتطوير ورفع كفاءة مقرات المحاكم، للتسهيل على المواطنين؛ إلى تجدد مطالب عديدة بالأوساط القانونية، بعقد جلسات المحاكم بنظام إلكتروني يسمح بحضور الأطراف وعموم الجمهور للجلسات «عن بعد»، للحد من التجمعات البشرية ومواكبة الحداثة لاسيما في ظل أزمة كورونا، على غرار محاكم دبي.

واستأنفت محاكم دبي عملها إلكترونيا، بدءًا من الأحد 19 أبريل على اختلاف درجات التقاضي الثلاث الابتدائية والاستئناف والتمييز، عن طريق نظام مبتكر، يتمثل فى عقد الجلسات مباشرة على مرأى ومسمع الجميع عبر برنامج الاجتماعات الشهير Microsoft Teams، الذي يتيح تبادل المستندات والاستماع لمرافعة الدفاع أو الشهود.

ويتضمن النظام، تخصيص محاكم دبي قسما بموقعها الإلكتروني، لجداول الجلسات مدون به تاريخ الجلسة واليوم والوقت والقاعة واسم الدائرة، على أن يكون متاحا الضغط على زر مشاهدة الجلسة أثناء انعقادها مباشرة فى الموعد المحدد وذلك بالصور والصورة عبر البرنامج.

كما يشمل النظام، برنامجا لمدرين الجلسة، لتدوين تفاصيلها ونص القرار أو الحكم، والذي يعلن أيضا عبر الموقع ويرسل برسالة نصية او إلكترونية إلى ذوي الشأن.

وكشف مصدر قضائي مسئول، عن وجود خطة متكاملة لهيكلة نمط العمل بالمحاكم وتحديث البنية التحتية، تمهيدا للتحول الرقمي بشكل تدريجي، مشيرا إلى أن وزارة العدل تتولى الإعداد للنظام الجديد بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وبالتنسيق مع محاكم الاستئناف المختلفة.

ورفض المصدر فى تصريحات لـ«الشروق»، الإفصاح عن تفاصيل خطة التطوير والتحول الرقمي وإمكانية أن تشمل عقد بعض جلسات المحاكمات إلكترونيا من عدمه، موضحا أن الخطة في طور الإعداد والتجهيز، لكنه عاد وأكد أن العام الجاري سيشهد تطورا حقيقيا فى هذا الملف.

من جانبه قال المستشار رضا محمود السيد، المتحدث باسم نادي القضاة، إن مجلس الإدارة اهتم بتطوير منظومة العدالة وشكل لجنة منذ عام 2016 من بعض رجال القضاء أصحاب الأفق المنفتح والعقليات المتطورة ويحملون الخبرات الدولية والمحلية فى مجال وضع الاستراتيجيات.

وأضاف السيد أن اللجنة عكفت على مدار عامين من العمل الشاق ألمت خلالهما بكل عوامل القصور والضعف ومواطن القوة فى النظام القضائي المصرى ومقارنتها بمختلف النظم القضائية العالمية، وما أعد من مشاريع لتطويرها حتى انتهت إلى وضع مشروع خطة استراتيجية لتطوير منظومة التقاضى فى مصر تضاهي وبحق خطط التطوير العالمية وترتبط بجميع محاور الخطة الاستراتيجية للدولة مصر 2030.

وذكر السيد أن نادى القضاة عرض الخطة على مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل ووزيرة التخطيط لتبنيها ولتصبح نقطة الانطلاق لتطوير العدالة من مفهوم استراتيجى، مؤكدًا ثقته في أن منظومة العدالة ستشهد تطويرا ملموسا بتوجيه القيادة السياسية.

ويؤيد عدد كبير من المحامين، استئناف العمل بالمحاكم إلكترونيا نظرا لما تعانيه المحاكم من حالة تكدس واختلاط لعموم المواطنين من شتى المحافظات ما يعرض حياة مرتاديها للخطر.

ويقول المحامي بالنقض محمد حسن عطا الله، إن الحلول الرقمية والتكنولوجية في عقد جلسات المحاكمات باتت هي الحل الأمثل فى الوقت الذي اتجهت فيه أغلب الشركات والقطاعات للعمل عن بعد، لتفادي التجمعات البشرية فضلا عن سهولتها وتوفيرها للوقت والجهد.

وشدد عطا الله على أن الاعتماد على النظام الرقمي فى عقد جميع جلسات المحاكم إلكترونيا سيكون أمرا صعبا فى ظل عدم امتلاك معظمها لمواقع الكترونية بالأساس، فضلا عن عدم وجود بنية تحتية مؤهلة للعمل التكنولوجي، مشيرًا إلى أن تطبيق ذلك النظام سيكون سهلا فى نطاق محاكم محددة، خاصة المحكمة الدستورية العليا أو النقض أو الإدارية العليا، كون تلك المحاكم لها مقر واحد على مستوى الجمهورية، وعدد الدوائر والجلسات بها قليل مقارنة بباقي المحاكم، فضلا عن أهمية الأحكام الصادرة عنها لذوي الشأن.

واقترح عطا الله، صاحب مكتب محاماة بأسيوط، في تصريحات لـ«الشروق»، أن يقتصر استئناف العمل «عن بعد» حال تطبيقه، على المتقاضين الراغبين فى ذلك فقط، حتى يكون التطبيق فى البداية محدودا بما يضمن نجاح التجربة، لافتا إلى أن محكمة الاستئناف العالي بأسيوط تشترط مسح جميع مستندات الدعوى إلكترونيا حال إيداعها عن طريق جهاز “سكانر” عند أحد الموظفين المختصين بذلك.

كما أبدى عطا الله أمنيته بأن تتوسع جميع المحاكم بغض النظر عن أزمة كورونا، فى العمل الرقمي لاسيما عقد الجلسات وتوفير الخدمات «عن بعد».

وعن إمكانية تطبيق ذلك فى مصر من الناحية الفنية، يقول وليد حجاج الخبير التقني، إن ذلك ممكنا وسهل التنفيذ وليس بالأمر المستحيل، شريطة أن يطبق بشكل محدود فى البداية، موضحا أن ذلك يحتاج إلى تهيئة البنية التحتية بالمحكمة المراد تطبيق النظام الرقمي بها، وذلك عن طريق توفير شكبة إنترنت عالية الجودة، فضلا عن توفير أجهزة كمبيوتر ملائمة للقضاة والموظفين.

وأضاف حجاج شارحا كيفية تطبيق الأمر من الناحية الفنية بأنه يتطلب شقين، الأول تطوير موقع المحكمة المراد العمل بها «عن بعد»، بإنشاء قسم خاص بجداول الجلسات ومواعيدها، وربط كل جلسة برابط المشاهدة على برنامج Microsoft Teams، والذي سيكون مخصصا لبث الجلسة صوت وصورة، والمتاح الدخول عليه لعموم الناس بكل سهولة عن طريق تسجيل حساب أو الدخول برابط الإيميل أو حساب الفيس بوك.

وتابع الخبير بأن الشق الثاني، فهو تطوير برنامج مخصص لهيئة المحكمة، لتسجيل البيانات وكتابة الملاحظات ونص القرار أو الحكم، بديلا عن الكتابة اليدوية أو ما يعرف في المحاكم بـ«رول الجلسة»، لافتا إلى أن ذلك البرنامج سهل ومتاح شرائه من شركات عالمية فى هذا المجال.

وشدد حجاج على أن العائق الوحيد أمام تطبيق هذا النظام، بخلاف البنية التحتية، هو عدم وجود سجلات للبيانات الرقمية للمتقاضين لدى المحاكم، بما يصعب على القاضي التعرف على الأطراف المعنية بالقضية التي ينظرها سواء المحامي أو الشاهد، خلال بث الجلسة عبر البرنامج.

وأضاف حجاج أن إزالة هذا العائق يتطلب وجود قاعدة بيانات لجميع المتقاضين لدى هيئة المحكمة، تشمل أرقام هواتفهم وحساباتهم الإلكترونية وغيرها من البيانات، أو من الممكن إنشاء قاعدة بيانات بسيطة أو بدائية لأطراف القضايا التي ستُنظر إلكترونيا فقط، لا سيما أنه حال تطبيق الأمر سيكون قاصرا على محكمة أو اثنين فقط في البداية، وذلك من خلال إيداع محاموا القضايا بياناتهم وبيانات موكليهم لدى سكرتير الجلسة بشكل يدوي فى مقر المحكمة قبل موعد انعقادها إلكترونيا؛ حتى يتسنى لمدير الجلسة أو السكرتير التحقق من هوية ذوي الشأن للتحدث مع القاضي إن لزم الأمر أثناء انعقاد الجلسة.

كما اقترح حجاج أن يقتصر تطبيق التجربة فى بداية الأمر على دائرة إلكترونية واحدة بنطاق كل محكمة للقضايا الأكثر أهمية أو حسبما ترى إدارة المحكمة، على أن يتم تدريب القضاة والموظفين على النظام الجديد أولا بأول، تمهيدا لتعميمه فيما بعد، قائلا إنها فكرة شديدة التميز والبلاد بحاجة ماسة لها الفترة المقبلة.